السياسة الإعلامية من منظور إسلامي

الملخص

السياسة الإعلامية هي مجموعه من المبادئ المتكاملة والواضحة والدائمة والقابلة للتطبيق بواسطة المؤسسات المشتركة في الإعلام الجماهيري بشكل مركزي في بلد ما. كما أنها تعني رسم وتحديد غايات رئيسية للإعلام الجماهيري تقوم على أساس من التكامل والتوافق مع الغايات العامة التي تتطلع جهة ما إلى تحقيقها في شتي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأي عمل سياسي يتطلب وجود سياسة إعلامية واضحة المعالم وخطاب إعلامي محدد المفردات والمضامين والأساليب.

ومن هذا المنطلق تتضح اهمية دراسة موضوع السياسة الاعلامية من وجهة نظر الاسلام، لأننا قبل ان نمارس الاعلام علينا ايجاد سياسة اعلامية متميزة عن سياسات الاخرين، حتى نتخلص من تبعية الاستراتيجية الاعلامية قبل التخلص من تبعية المضمون الاعلامي المستهدف لكياننا كأمة لها تاريخها وحضارتها وإرثها الثقافي المتميز.

وقد اتبعت في دراستي المنهج الوصفي التحليلي، فانطلاقا من الحاجة الى الاستدلال على المنظور الاسلامي للسياسة الاعلامية، اعتمدت المنهجين الاستقرائي والاستدلالي بغية الاستنتاج المنطقي المتضمن التقييم والتقويم لإصدار الحكم.

 ومع ادراكنا للمنهج المتبع في الدراسة، لا بد من الاشارة الى الإطار المرجعي العام للدراسة، وهو ذلك الجزء الحي الواعي من النموذج المعرفي الذي يكون حافزا في ذهن الباحث ومنطلقا وميزانا يزن به كل أفكاره،فينشأ تصوراته ويحدد مقولاته الكبرى، وتحديد المسلمات والافتراضات منبثق عن النموذج المعرفي الذي يمثل اساس المنهجية، فلكل نموذج معرفي معايره وقواعده ورؤيته التي تميزه عن الاخر، وهذه المعايير تشكل اساس المنهجية.

وتحديد مصادر المعرفة التي تنطلق منها المنهجية عندنا كمسلمين لا تتوقف على الوجود الحسي كمصدر وحيد للمعرفة، بل هناك مصادر الوحي التي تعطي الباحث مجالا رحبا للبحث. وبناء على ما تقدم فان دراستي لموضوع السياسة الاعلامية كانت وفق إطار مرجعي اسلامي منبثق من التصور الاسلامي النابع من نظرة الاسلام للإنسان والكون وعلاقتهما بخالقهما العليم الخبير، وما يصدر عن ذلك من رؤية علمية متميزة استنادا الى الحق الثابت القران الكريم والسنة النبوية المطهرة.

وانطلاقا من خصوصية مجتمعاتنا الفكرية وبيئتنا الحضارية اردت ان الفت انتباه الباحثين الى ضرورة استلهام سياسة اعلامية متميزة تنطلق من عقيدتنا وتستند على تصوراتنا للكون والانسان وعلاقتهما بخالقهما، ومن ثم ابراز وجهة النظر الاسلامية التي لا تزال غائبة او مغيبة في مثل هذه القضايا الحساسة.

وقد أمكن من خلال هذه الدراسة طرح تصور جديد للسياسة الاعلامية في بلاد المسلمين الذين ما زالوا يلهثون وراء النماذج المستوردة التي لا تتماشى وتصوراتهم وبيئاتهم. والتنبيه على ضرورة ايجاد نظرية اعلامية مستوحاة من نصوص الفران والسنة النبوية والتاريخ الاسلامي.